فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من لطائف وفوائد المفسرين:

قال ابن القيم:
قوله تعالى: {فقد صغت قلوبكما}
لغة العرب متنوعة في إفراد المضاف وتثنيته وجمعه بحسب أحوال المضاف إليه فإن أضافوا الواحد المتصل إلى مفرد أفردوه وإن أضافوه إلى اسم جمع ظاهر أو مضمر جمعوه وإن أضافوه إلى اسم مثنى فالأفصح من لغتهم جمعه لقوله تعالى: {فقد صغت قلوبكما} [التحريم: 4].
وإنما هما قلبان لا غير وقوله: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} [المائدة 38].
وتقول العرب اضرب أعناقهما واقطع ألسنتهما وهذا أفصح استعمالهم وتارة يفردون المضاف فيقولون لسانهما وقلبهما وظهرهما وتارة يثنونه كقوله ظهراهما مثل ظهور الترسين والقرآن إنما نزل بلغة العرب لا بلغة العجم والطماطم والأنباط الذين أفسدوا الدين وتلاعبوا بالنصوص وانتهكوا حرماتها وجعلوها عرضة لتأويل الجاهلين وانتحال المبطلين وإذا كان من لغتهم وضع الجمع موضع التثنية لئلا يجمعوا في لفظ واحد بين تثنيتين ولا لبس هناك فلأن يوضع الجمع موضع التثنية فيما إذا كان المضاف إليه مجموعا أولى بالجواز يدل عليه أنك لا تكاد تجد في كلامهم عينينا ويدينا ونحو ذلك ولا يلبس على السامع قول المتكلم نراك بأعيننا ونأخذك بأيدينا ونحو ذلك ولا يفهم منه بشر على وجه الأرض عيونا كثيرة على وجه واحد وأيديا متعددة على بدن واحد فهل قدر القرآن حق قدره من زعم أن هذا ظاهره.

.تفسير الآيات (6- 7):

قوله تعالى: {يا أيُّها الّذِين آمنُوا قُوا أنْفُسكُمْ وأهْلِيكُمْ نارا وقُودُها النّاسُ والْحِجارةُ عليْها ملائِكةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يعْصُون الله ما أمرهُمْ ويفْعلُون ما يُؤْمرُون (6) يا أيُّها الّذِين كفرُوا لا تعْتذِرُوا الْيوْم إِنّما تُجْزوْن ما كُنْتُمْ تعْملُون (7)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما أبلغ سبحانه في عتاب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مع صيانتهن عن التسمية إكراما له صلى الله عليه وسلم وعلم اتصافهن بهذه الصفات العظيمة على سبيل الرسوخ من دوام صحبته صلى الله عليه وسلم لهن ليكن من جملة أزواجه في الجنة وكان اتصافهن بذلك الذي أداهن إلى السعادة العظمى إنما هو بحسن تأديب أوليائهن لهن وإكمال ذلك الأدب بحسن عشرته صلى الله عليه وسلم وتأدبهن بكريم أخلاقه أثمر ذلك أمر الأمة بالتأسي به في هذه الأخلاق الكاملة والتأسي بأوليائهن في ذلك ليعرفن حق الله وحق الأزواج فيحصل بذلك صلاح ذات البين المثمرات للخير كله فقال تعالى متبعا لهذه الموعظة الخاصة بموعظة عامة دالة على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للأقرب فالأقرب {يا أيها} مخاطبة لأدنى الأسنان إشارة إلى أن من فوقهم تأسى من حين دخوله في الإسلام فهو غني عن أمر جديد {الذين آمنوا} أي أقروا بذلك {قوا أنفسكم} أي اجعلوا لها وقاية بالتأسي به صلى الله عليه وسلم في أدبه مع الخلق والخالق في لينه لمن يستحق اللين من الخلق تعظيما للخالق فعاملوه قبل كل شيء بما يعاملكم به من الأدب، وكذا كونوا مع بقية الخلق.
ولما كان الإنسان راعيا لأهل بيته مسؤولا عن رعيته قال تعالى: {وأهليكم} من النساء والأولاد وكل من يدخل في هذا الاسم قوهم {نارا} بالنصح والتأديب ليكونوا متخلقين بأخلاق أهل النبي صلى الله عليه وسلم كما روى أحمد والطبراني عن سعيد بن العاص-رضي الله عنه- رفعه: «ما نحل والد ولدا أفضل من أدب حسن» ولما كانت الأشياء لا تعظم في نفسها وعند المخبر بها إلا بإخباره بما يشتمل عليه من الأوصاف قال: {وقودها} أي الذي توقد به {الناس والحجارة} أي ألين الأشياء وأصلبها، فما بين ذلك هو لها وقود بطريق الأولى.
ولما وصفها بغاية الأدب في الائتمار أتبعه وصف القُوام فقال معبرا بأداة الاستعلاء دلالة على تمكنهم من التصرف فيها: {عليها ملائكة} أي يكون أمرها على سبيل الاستعلاء فلا تعصيهم شيئا لتأديب الله لها {غلاظ} أي في الأبدان والقلوب فظاظة على أهلها لاستحقاقهم لذلك بعصيانهم الملك الأعلى.
ولما كان الغلظ قد يكون مع الرخاوة قال: {شداد} أي في كل شيء يحاولونه بالقول والفعل حتى روي أن الواحد منهم يلقي بالدفعة الواحدة في النار من الكفار سبعين ألفا.
ولما كان المعنى أنهم يوقعون غلظتهم وشدتهم بأهل المعاصي على مقادير استحقاقهم.
بين ذلك بما يخلع القلوب لكونه بأمر الله تعالى فقال: {لا يعصون الله} أي الملك الأعلى في وقت من الأوقات {ما أمرهم} أي أوقع الأمر لهم به في زمن ما.
ولما كان المطيع منا قد يخل ببعض المأمور به في ذاته بنقص ركن أو شرط أو وقت لنسيان، أو نوم ونحوه أو بترك مندوب ونحوه أو ما في معناه بوسوسة أو حديث نفس ونحوه يقصر عن إيقاعه على أعلى الدرجات كما قال صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه ابن ماجه عن عبد الله بن عمرو- رضى الله عنهما- والطيالسي عن ثوبان رضي الله عنه: «استقيموا ولن تحصوا» قال نافيا لذلك عنهم: {ويفعلون} أي مجددين مع كل أمر على سبيل الاستمرار {ما يؤمرون} أي ما يقع لهم الأمر به في أي وقت كان من غير نقص ما، وبني الفعل لما لم يسم فاعله كناية عن سهولة انقيادهم وإشارة إلى أن الذي أمرهم معلوم أنه الله سبحانه وتعالى.
ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم أعظم من أريد بأمر الأمة بالتأدب معه فكان تعمد الإخلال بالأدب معه كفرا، علم أن هذه النار لأولئك فعلم أن التقدير: يقولون: {يا أيها الذين كفروا} أي بالإخلال بالأدب في النبي صلى الله عليه وسلم فأداهم ذلك إلى الإخلال بالأدب مع الله وبالأدب مع سائر خلقه {لا تعتذروا} أي تبالغوا في إظهار العذر وهو إيساع الحيلة في وجه يزيل ما ظهر من التقصير {اليوم} فإنه يوم الجزاء لا يوم الاعتذار، وقد فات زمان الاعتذار، وصار الأمر إلى ما صار، وإذا نهى عن المبالغة في الاعتذار لعدم نفعها كان النهي عن مطلقه من باب الأولى، وهذا قطع لرجائهم وإيجاب لباسهم ليعظم همهم وتنقطع قلوبهم لأن معناه أن الاعتذار لا ينفعكم وإن بالغتم فيه، ولذلك استأنف قوله على سبيل الحصر: {إنما تجزون} أي في هذا اليوم {ما كنتم} أي بما هو لكم كالجبلة والطبع {تعملون} أي على سبيل الإصرار ولا بعد على الله في أن يصور لكل إنسان صورة عمله بحيث لا يشك أنها عمله، ثم يجعل تلك الصورة عذابه الذي يجد فيه من الألم ما علم سبحانه أنه بمقدار استحقاقه. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{يا أيُّها الّذِين آمنُوا قُوا أنْفُسكُمْ وأهْلِيكُمْ نارا}
{قُواْ أنفُسكُمْ} أي بالانتهاء عما نهاكم الله تعالى عنه، وقال مقاتل: أن يؤدب المسلم نفسه وأهله، فيأمرهم بالخير وينهاهم عن الشر، وقال في (الكشاف): {قُواْ أنفُسكُمْ} بترك المعاصي وفعل الطاعات، {وأهْلِيكُمْ} بأن تؤاخذوهم بما تؤاخذون به أنفسكم، وقيل: {قُواْ أنفُسكُمْ} مما تدعو إليه أنفسكم إذ الأنفس تأمرهم بالشر وقرئ: {وأهلوكم} عطفا على واو {قُواْ} وحسن العطف للفاصل، و{نارا} نوعا من النار لا يتقد إلا بالناس والحجارة، وعن ابن عباس هي حجارة الكبريت، لأنها أشد الأشياء حرا إذا أوقد عليها، وقرئ: {وقُودُها} بالضم، وقوله: {عليْها ملائكة} يعني الزبانية التسعة عشر وأعوانهم {غِلاظٌ شِدادٌ} في أجرامهم غلظة وشدة أي جفاء وقوة، أو في أفعالهم جفاء وخشونة، ولا يبعد أن يكونوا بهذه الصفات في خلقهم، أو في أفعالهم بأن يكونوا أشداء على أعداء الله، رحماء على أولياء الله كما قال تعالى: {أشِدّاء على الكفار رُحماء بيْنهُمْ} [الفتح: 29] وقوله تعالى: {ويفْعلُون ما يُؤْمرُون} يدل على اشتدادهم لمكان الأمر، لا تأخذهم رأفة في تنفيذ أوامر الله تعالى والانتقام من أعدائه، وفيه إشارة إلى أن الملائكة مكلفون في الآخرة بما أمرهم الله تعالى به وبما ينهاهم عنه والعصيان منهم مخالفة للأمر والنهي.
وقوله تعالى: {يا أيُّها الذين كفرُواْ لا تعْتذِرُواْ اليوم} لما ذكر شدة العذاب بالنار، واشتداد الملائكة في انتقام الأعداء، فقال: {لا تعْتذِرُواْ اليوم} أي يقال لهم: لا تعتذروا اليوم إذ الاعتذار هو التوبة، والتوبة غير مقبولة بعد الدخول في النار، فلا ينفعكم الاعتذار، وقوله تعالى: {إِنّما تُجْزوْن ما كُنتُمْ تعْملُون} يعني إنما أعمالكم السيئة ألزمتكم العذاب في الحكمة.
وفي الآية مباحث:
البحث الأول:
أنه تعالى خاطب المشركين في قوله: {فإِن لّمْ تفْعلُواْ ولن تفْعلُواْ فاتقوا النار التي وقُودُها الناس والحجارة} وقال: {أُعِدّتْ للكافرين} [البقرة: 24] جعلها معدة للكافرين، فما معنى مخاطبته به المؤمنين؟ نقول: الفساق وإن كانت دركاتهم فوق دركات الكفار، فإنهم مع الكفار في دار واحدة فقيل للذين آمنوا: {قُواْ أنفُسكُمْ} باجتناب الفسق مجاورة الذين أعدت لهم هذه النار، ولا يبعد أن يأمرهم بالتوقي من الارتداد.
البحث الثاني:
كيف تكون الملائكة غلاظا شدادا وهم من الأرواح، فنقول: الغلظة والشدة بحسب الصفات لما كانوا من الأرواح لا بحسب الذات، وهذا أقرب بالنسبة إلى الغير من الأقوال.
البحث الثالث:
قوله تعالى: {لاّ يعْصُون الله ما أمرهُمْ} في معنى قوله: {ويفْعلُون ما يُؤْمرُون} فما الفائدة في الذكر فنقول: ليس هذا في معنى ذلك لأن معنى الأول أنهم يتقبلون أوامره ويلتزمونها ولا ينكرونها، ومعنى الثاني أنهم يؤدون ما يؤمرون به كذا ذكره في (الكشاف). اهـ.

.قال القرطبي:

{يا أيُّها الّذِين آمنُوا قُوا أنْفُسكُمْ وأهْلِيكُمْ نارا وقُودُها النّاسُ والْحِجارةُ}
فيه مسألة واحدة وهي الأمر بوقاية الإنسان نفسه وأهله النار.
قال الضحاك: معناه قُوا أنفسكم، وأهلوكم فلْيقُوا أنفسهم نارا.
وروى عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس: قُوا أنفسكم وأْمُرُوا أهليكم بالذكر والدعاء حتى يقِيهم الله بكم.
وقال عليّ رضي الله عنه وقتادة ومجاهد: {قُوا أنفسكم} بأفعالكم وقُوا أهليكم بوصِيّتكم.
ابن العربي: وهو الصحيح، والفقه الذي يعطيه العطف الذي يقتضي التشريك بين المعطوف والمعطوف عليه في معنى الفعل؛ كقوله:
علفْتُها تِبْنا وماء باردا

وكقوله:
ورأيتُ زوْجك في الوغى ** متقلِّدا سيفا ورُمْحا

فعلى الرجل أن يصلح نفسه بالطاعة، ويصلح أهله إصلاح الراعي للرعية.
ففي صحيح الحديث: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «كلّكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعِيّته فالإمام الذي على الناس راعٍ وهو مسؤول عنهم والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسؤول عنهم» وعن هذا عبّر الحسن في هذه الآية بقوله يأمرهم وينهاهم.
وقال بعض العلماء لما قال: {قوا أنفُسكُمْ} دخل فيه الأولاد؛ لأن الولد بعض منه.
كما دخل في قوله تعالى: {ولا على أنفُسِكُمْ أن تأْكُلُواْ مِن بُيُوتِكُمْ} [النور: 61] فلم يُفْردُوا بالذِّكر إفراد سائر القرابات.
فيعلّمه الحلال والحرام، ويجنّبه المعاصي والآثام، إلى غير ذلك من الأحكام.
وقال عليه السلام: «حقُّ الولد على الوالد أن يحسن اسمه ويعلّمه الكتابة ويزوّجه إذا بلغ» وقال عليه السلام: «ما نحل والدٌ ولدا أفضل من أدب حسن» وقد روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: «مُرُوا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرّقوا بينهم في المضاجع» خرّجه جماعة من أهل الحديث. وهذا لفظ أبي داود.
وخرّج أيضا عن سمُرة بن جُنْدُب قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مُرُوا الصّبِيّ بالصلاة إذا بلغ سبع سنين فإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها» وكذلك يخبر أهله بوقت الصلاة ووجوب الصيام ووجوب الفطر إذا وجب؛ مستندا في ذلك إلى رؤية الهلال.
وقد روى مسلم: «أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا أوْتر يقول: قومي فأوْتِري يا عائشة» وروي: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «رحم الله امرءا قام من الليل فصلّى فأيقظ أهله فإن لم تقم رشّ وجهها بالماء. رحم الله امرأة قامت من الليل تصلي وأيقظت زوجها فإذا لم يقم رشّت على وجهه من الماء» ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «أيقظوا صواحب الحُجر» ويدخل هذا في عموم قوله تعالى: {وتعاونُواْ على البر والتقوى} [المائدة: 2].
وذكر القشيري: «أن عمر رضي الله عنه قال لما نزلت هذه الآية: يا رسول الله، نقِي أنفسنا، فكيف لنا بأهلينا؟ فقال: تنهونهم عمّا نهاكم الله وتأمرونهم بما أمر الله».
وقال مقاتل: ذلك حقّ عليه في نفسه وولده وأهله وعبيده وإمائه.
قال الكِيا: فعلينا تعليم أولادنا وأهلينا الدّين والخير، وما لا يُستغنى عنه من الأدب.
وهو قوله تعالى: {وأْمُرْ أهْلك بالصلاة واصطبر عليْها} [طه: 132].
ونحو قوله تعالى للنبيّ صلى الله عليه وسلم: {وأنذِرْ عشِيرتك الأقربين} [الشعراء: 214].
وفي الحديث: «مُرُوهم بالصلاة وهم أبناء سبْع» {وقُودُها الناس والحجارة} تقدم في سورة (البقرة) القول فيه.
{عليْها ملائِكةٌ غِلاظٌ شِدادٌ} يعني الملائكة الزبانية غِلاظ القلوب لا يرحمون إذا اسْتُرْحِمُوا، خُلقوا من الغضب، وحُبّب إليهم عذاب الخلق كما حُبِّب لبني آدم أكل الطعام والشراب.
{شِدادٌ} أي شداد الأبدان.
وقيل: غِلاظُ الأقوال شداد الأفعال.
وقيل غِلاظ في أخذهم أهل النار شدادٌ عليهم.
يقال: فلان شديد على فلان؛ أي قوِي عليه يعذّبه بأنواع العذاب.
وقيل: أراد بالغلاظ ضخامة أجسامهم، وبالشدّة القوّة.
قال ابن عباس: ما بين منْكِبي الواحد منهم مسيرةُ سنة، وقوّة الواحد منهم أن يضرب بالمقمع فيدفع بتلك الضربة سبعين ألف إنسان في قعر جهنم.
وذكر ابن وهب قال: وحدّثنا عبد الرحمن بن زيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خزنة جهنم: «ما بين منْكِبي أحدهم كما بين المشرق والمغرب»
قوله تعالى: {لاّ يعْصُون الله مآ أمرهُمْ} أي لا يخالفونه في أمره من زيادة أو نقصان.
{ويفْعلُون ما يُؤْمرُون} أي في وقته، فلا يؤخرونه ولا يقدّمونه.
وقيل أي لذتهم في امتثال أمر الله؛ كما أن سرور أهل الجنة في الكون في الجنة؛ ذكره بعض المعتزلة.
وعندهم أنه يستحيل التكليف غدا.
ولا يخفى معتقد أهل الحق في أن الله يكلّف العبد اليوم وغدا، ولا ينكر التكليف في حق الملائكة. ولله أن يفعل ما يشاء.
قوله تعالى: {يا أيها الذين كفرُواْ لا تعْتذِرُواْ اليوم}
فإن عذركم لا ينفع.
وهذا النّهي لتحقيق اليأس.
{إِنّما تُجْزوْن ما كُنتُمْ تعْملُون} في الدنيا.
ونظيره: {فيوْمئِذٍ لاّ ينفعُ الذين ظلمُواْ معْذِرتُهُمْ ولا هُمْ يُسْتعْتبُون} [الروم: 57].
وقد تقدّم. اهـ.